أكد المختص في الشأن التنموي، حسين الرحيلي، في تصريحات له اليوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024، أن 14 عامًا مرت على اندلاع الثورة التونسية دون تحقيق أي تغيير حقيقي في منوال التنمية، مشيرًا إلى أن الانتظار لنتائج جديدة يعد أمرًا “غبيًا”. وأوضح الرحيلي أن تونس لا تزال تفتقر إلى مقاربة تنموية شاملة على المستوى الوطني، حيث أن الفوارق التنموية الجهوية التي تفاقمت منذ عام 1956 ما زالت تتسع حتى اليوم.
وفي نفس السياق، أشار الرحيلي إلى أن الفوارق بين الجهات الفقيرة والجهات الأكثر حظًا قد أصبحت أوسع، لافتًا إلى أن السبب في ذلك هو عدم العمل على إعادة نمط التنمية، مما حال دون تحقيق التقسيم العادل للثروة.
كما تناول التراجع الحاد في الاستثمار العمومي الذي يمثل اليوم 9% فقط من ميزانية الدولة، مشددًا على أن هذا التراجع يعد مؤشرًا قويًا على أن شعار التنمية الجهوية والتوزيع العادل للثروة لم يُترجم إلى مضامين حقيقية.
وفي سياق آخر، أشار الرحيلي إلى غياب رؤية جديدة لإعادة هيكلة إنتاج الثروة وتوزيعها، حيث أن البيروقراطية وتأخر الإجراءات الإدارية تُعرقل تنفيذ المشاريع العمومية. وأكد ضرورة تحرير الإدارة والمبادرة الاستثمارية من هذه القيود، قائلاً: “نحن اليوم نعيش في ترسانة من التعقيدات الإدارية رغم المناشير الحكومية المتكررة، ومشكل الدولة التونسية اليوم يكمن في عدم تحرير المبادرة”.
الرحيلي شدد على أن التنمية الجهوية لا تُبنى على “وصفات صيدلية”، بل يجب أن تكون جزءًا من رؤية تنموية وطنية مع إعادة تشخيص الوضع في كل منطقة من أجل تعزيز القدرة على مراكمة الثروة. كما أضاف أن غياب الاستثمار الخاص في المناطق الداخلية يرجع إلى نقص الخدمات الأساسية والبنية التحتية في هذه المناطق.
وأكد الرحيلي أن القضية تنطوي على بُعد سياسي، مشيرًا إلى أنه حتى بعد انتخابات 2024، لم تُحل هذه المسألة، حيث استمر تجاهل محاسبة الفساد واستهداف المستثمرين وأصحاب المشاريع.