أكد محسن حسن، المختص في الاقتصاد ووزير التجارة الأسبق، في تصريحاته يوم الخميس 26 ديسمبر 2024، أن المقدرة الشرائية للمواطن التونسي تشهد تدهورًا مستمرًا منذ سنوات، مشيرًا إلى أن التضخم وارتفاع الأسعار يعدان من بين الأسباب الرئيسية لذلك.
وأوضح حسن أن نسبة التضخم في تونس رغم استقرارها عند 6.7%، لا تزال مرتفعة مقارنة بالدول المنافسة مثل المغرب الذي سجل نسبة تضخم أقل من 2%.
وفيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين الوضع، شدد محسن حسن على ضرورة أن يتخذ البنك المركزي إجراءات جادة للتقليص من التضخم، مشيرًا إلى أن الحكومة أيضًا يجب أن تتحرك لحل الأسباب الهيكلية له، وخصوصًا نقص العرض في الأسواق الذي يُعدّ أحد العوامل الأساسية التي تؤثر على الأسعار. وقال: “اليوم لا نملك ما يكفي من السلع والخدمات في الأسواق، ما يمنعنا من تقليص الأسعار والتحكم فيها.”
وتابع المختص في الاقتصاد: “من بين الإجراءات التي تم اقتراحها لتحسين المقدرة الشرائية للمواطن هي مراجعة جدول الضريبة في قانون المالية 2025، لكن هذه الخطوة وحدها غير كافية.” وأكد على ضرورة اتخاذ إجراءات شاملة تشمل السياسة النقدية ومجموعة من الإجراءات الاقتصادية.
فيما يتعلق بنمو الاقتصاد، أشار محسن حسن إلى أن نسبة النمو الاقتصادي في تونس لعام 2024 كانت متواضعة، حيث من المتوقع أن تحقق البلاد نسبة نمو تقدر بـ 1.6%، وهي مشابهة للنمو المحقق في عام 2023، الذي كان في حدود 0%، في حين بلغ 2.7% في عام 2022. ورأى أن هذا التباطؤ جاء في ظل التحديات الاقتصادية العالمية مثل تبعات جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدًا أن القطاعات التي حققت نتائج إيجابية في تونس تشمل الفلاحة والسياحة والخدمات. في حين أن العديد من القطاعات الأخرى مثل البعث العقاري، المحروقات، النسيج، والفسفاط تعاني من ركود كبير.
وأضاف محسن حسن أنه رغم التحديات، فإن هناك بعض النقاط المضيئة في الاقتصاد التونسي، ولكن القطاع الخاص لا يزال يواجه صعوبات في تحقيق النمو المطلوب. وأوضح أن نسبة الاستثمار في الناتج المحلي الإجمالي كانت ضعيفة جدًا، حيث يُتوقع أن تصل في نهاية العام 2024 إلى 15.7%، وهو رقم وصفه بـ الضعيف جدًا مقارنة بدول أخرى تطمح إلى خلق النمو، حيث لا يجب أن تقل هذه النسبة عادة عن 20-25%.
واستعرض محسن حسن أيضًا مشكلة تراجع الادخار الوطني الذي يُعدّ أحد المؤشرات السلبية للاقتصاد التونسي، حيث من المتوقع أن يبلغ نسبة الادخار الوطني 4.6% في نهاية عام 2024، بعد أن كانت 9.2% في 2021. وأكد أن هذا التراجع يعود إلى تدهور المقدرة الشرائية للأفراد والمؤسسات في القطاعين العام والخاص، مما يجعل من الصعب على الاقتصاد التونسي تكوين الادخار الذي يُمول الاستثمار.
وأوضح أن تدهور المقدرة الشرائية أدى إلى انخفاض الادخار الوطني بشكل كبير، وهو مؤشر سلبي، بل كارثي، على حد تعبيره، معربًا عن قلقه من أن الاقتصاد التونسي لم يعد يملك القدرة على خلق الادخار اللازم للاستثمار المستقبلي.
وفي ختام تصريحاته، حذر محسن حسن من أن الإصلاحات الاقتصادية تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرًا، مؤكدا على أهمية الإجراءات الفعّالة لمواجهة التحديات الحالية وتحقيق استقرار اقتصادي في المستقبل.