أعرب رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، فتحي الجراي، عن قلقه الشديد حيال تدهور الوضع في السجون ومراكز الإيقاف التونسية، مشيرًا إلى تفاقم الأوضاع داخل هذه المؤسسات مقارنة بما كانت عليه في السابق. جاء ذلك في تصريح له خلال مشاركته في مؤتمر دولي تحت عنوان “الممارسات الفضلى للوقاية من التعذيب”، الذي عُقد في تونس أمس.
وأكد الجراي أن “الوضع في الأماكن السالبة للحرية، وخاصة السجون، لم يتغير بل تفاقم بسبب عدة عوامل”، مشيرًا إلى أن السجون التونسية تعاني من الاكتظاظ المستمر، إضافة إلى الظروف الصحية المحدودة وسوء المعاملة التي يتعرض لها السجناء. وأضاف أن الظروف الصحية في السجون غير ملائمة، في ظل تدني مستوى الرعاية الطبية وسوء جودة الطعام المقدم للنزلاء.
وحسب تصريحات الجراي، يعاني السجناء في تونس من تدني الخدمات الأساسية في السجون، مما يزيد من معاناتهم. وقال رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب إن هناك حاجة ماسة لتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس بشأن الوقاية من التعذيب، منوهًا بأن هذه الاتفاقيات يجب أن تترجم إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع لتحسين أوضاع السجون وتحقيق العدالة للمحتجزين.
وأظهر تقرير سابق للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في تونس أن السجون التونسية تشهد نسبة اكتظاظ مرتفعة جدًا، حيث تجاوزت طاقة استيعاب السجون 150% في بعض السجون. ووفقًا للتقرير، يعد سجن القصرين الأكثر اكتظاظًا بنسبة 150.5%، يليه سجن القيروان بنسبة 138%، ثم سجن سوسة بنسبة 115%. كما أشار التقرير إلى أن تونس تضم 27 مؤسسة سجنية تؤوي حوالي 22 ألف سجين.
هذا الاكتظاظ الشديد في السجون يُعد من أبرز المشاكل التي تواجهها المؤسسات السجنية في تونس، حيث يعاني السجناء من ظروف قاسية في المساحات الضيقة. ويعود سبب الاكتظاظ إلى طول فترات الإيقاف وبطء الإجراءات القضائية، ما يزيد من فترة احتجاز الموقوفين دون محاكمة. وتعاني منظمات حقوقية محلية ودولية من هذه الظروف، حيث تطالب بتحسين الوضع داخل السجون وتقليص الفترات الطويلة التي يقضيها الأفراد في الاحتجاز قبل محاكمتهم.
من جانبه، دعا الجراي إلى ضرورة تكثيف الجهود لحل مشكلة الاكتظاظ وتحسين ظروف الاحتجاز داخل السجون التونسية، مؤكدًا أن هذا يتطلب إعادة النظر في منظومة العدالة الجنائية وتعديل الإجراءات القضائية لتسريع المحاكمات وضمان حقوق السجناء.
الجدير بالذكر أن السجون التونسية كانت قد شهدت عدة انتقادات دولية على خلفية الانتهاكات الحقوقية وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز. وتواصل منظمات حقوق الإنسان في تونس وحول العالم الدعوة إلى تحسين أوضاع السجون وتعزيز حماية حقوق الإنسان بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية.