استنكرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين اليوم الجمعة ما قاله رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى لقاءه اليوم الرئيسة المديرة العامة للتلفزة التونسية عواطف الدالي معتبرة ان ذلك يعدّ تدخّلا سافرا في الاعلام، وتدخلا مباشرا في الاعلام العمومي والتلفزة التونسية، وتضمن تدخلا حتى في ترتيب فقرات النشرات الاخبارية و المضامين الاعلامية والضيوف في البرامج في سابقة خطيرة لم يقدم عليها غيره.
وأعربت النقابة الوطنية للصحفيين اليوم الجمعة عن:
– ان الاعلام العمومي مُطالب بلعب دوره الأساسي كمرفق عام في خدمة الدولة والمجتمع والتعبير عن مطالب الناس ومشاغلهم في اطار توفير المعلومة والموضوعية واعتماد اولويات الإخبار والتثقيف والترفيه، لا ان يكون بوق دعاية للسلطة الحاكمة مهما كان لونها.
– ان التدخل الذي قام به رئيس الجمهورية يندرج في سياق كامل من الرقابة على الاعلام العمومي والصنصرة وضرب مبدأ التعدد والتنوع والموضوعية خاصة في التلفزة والاذاعة التونسيتين ووكالة تونس افريقيا للأنباء، بالإضافة إلى ممارسات اقصائية تمثلت خاصة في منع المجتمع المدني والقوى السياسية من الظهور في التلفزة التونسية الممولة من دافعي الضرائب.
-تستنكر النقابة هذا التصريح الخطير الذي يعبر عن عقلية لا تقبل الرأي المخالف ورغبة في توجيه وتوظيف الاعلام في اتجاه واحد، خاصة وان التلفزة التونسية بصفة خاصة دأبت منذ 25 جويلية 2021 على تبييض السلطة وتغييب الرأي المخالف او الناقد لها وقدمت خدمات جليلة للسلطة لاسترضاءها، دون فائدة. وتطالب رئيس الجمهورية باحترام استقلالية الاعلام والكف عن التدخل في المضامين.
– تطالب رئاسة الجمهورية بتطبيق القانون بخصوص تسميات المسؤولين على رأس المؤسسات الاعلامية العمومية وخاصة الاذاعة والتلفزة واحترام استقلالية وسائل الاعلام العمومية والمصادرة والخاصة، والابتعاد عن سياسة التعيينات المسقطة والتي اعتمد فيها رئيس الجمهورية اساسا على رموز الدعاية والتضليل في زمن التعتيم الإعلامي.
-تدعو كافة هياكل المهنة والهيئات التعديلية إلى رفض هذه الممارسات علنا والدفاع عن حق المواطنات والمواطنين في اعلام حر يعبر عن مختلف التوجهات السياسية والفكرية ويمثل التنوع والتعدد المجتمعي في تونس. وتشدد النقابة على ان مهمة التعديل والنظر في المضامين الاعلامية ليس من دور السلطة التنفيذية وانما هو دور هيئات التحرير داخل المؤسسات والهيئة العليا المستقلة للاعلام السمعي والبصري. وتدعو النقابة بنات وابناء مؤسسة التلفزة التونسية بصفة خاصة وبقية مؤسسات الإعلام العمومي بصفة عامة إلى التصدي لهذه الممارسات والانحرافات الخطيرة ولكل محاولات توظيف المرفق العمومي لخدمة السلطة او اي جهة كانت.
يذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد اكد اليوم الجمعة 4 اوت 2023 ان ما يتم بثه بمؤسسة التلفزة الوطنية لا يمكن أن يستمر معتبرا ان ترتيب الأنباء في نشرات الأخبار ليس بريئا إطلاقا مشددا على “وجوب ان تكون المؤسسة الوطنية في خدمة التونسيين والتونسيات لا في خدمة اللوبيات”.
واستنكر سعيد خلال استقباله اليوم عواطف الدالي الرئيسة المديرة العامة للتلفزة الوطنية محتوى برنامج تحت عنوان” الزمن الجميل” بثته القناة الوطنية يوم امس قائلا “شاهدت برنامجا بالصدفة يحمل عنوان “الزمن الجميل” وما هو بزمن جميل… لو كان جميلا لما كان الوضع على هذا النحو …نحن نتطلع الى المستقبل وليس الى ما مضى “.
وقال رئيس الجمهورية:” تتولين ادارة المؤسسة منذ مدة بصفة مؤقتة ولكن تم تعيينك منذ مدة على رأسها بصفة رسمية واتمنى لك النجاح والتوفيق ولكن عديد البرامج التي تبث فضلا عن نشرات الاخبار وترتيب الانباء داخل هذه النشرات ليس بالبريء اطلاقا “.
واضاف “بالامس شاهدت برنامجا بالصدفة يحمل عنوان “الزمن الجميل” وما هو بزمن جميل.. لو كان جميلا لما كان الوضع على هذا النحو …نحن نتطلع الى المستقبل وليس الى ما مضى …لماذا لا يتم بث جملة من البرامج التي تتعلق بمطالب التونسيين؟ ..ديسمبر 2010 وجانفي وفيفري 2011 ..تلك اللحظة التاريخية التي عاشها الشعب ويراد التعتيم عليها في عديد وسائل الاعلام الاخرى؟ ..هذه الوسائل حرة ولكن على المؤسسة الوطنية ان تكون مؤسسة وطنية في خدمة الوطن والشعب…لماذا لا يتم التذكير باغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وجنودنا الابطال وبرجال الامن الذين استشهدوا وهم يواجهون بالحديد والنار الخونة والارهابيين؟ …عن اي زمن جميل تتحدث يوم امس احدى مقدمات البرامج مع عدد من الاشخاص كانوا متخفين في بداية سنة 2011 ؟ كان هناك عدد من المطلوبين للعدالة فأصبحوا اليوم ابطالا ويتحدثون سنة 2023 عن الزمن الجميل ولم يكن جميلا وانما قبيحا…هناك محطات تاريخية لا ننكرها ولا نتنكّر لتاريخنا لكن ما يتم بثه بهذه الطريقة من قبل مؤسسة وطنية لا يمكن أن يستمر”.
وتابع سعيد “على المؤسسة الوطنية أن تكون في خدمة التونسيين والتونسيات لا في خدمة اللوبيات التي تتخفى وراء الستار.. ليس في هذا أية دعوة إلى دعاية زائفة مرّ زمنها من قافلة تسير وبرامج كانت تسير في وقت من الأوقات …اليوم اللصوص تحوّلوا إلى أبطال ويتحدثون كأنهم أبطال وصنعوا تاريخ تونس في حين أنهم أوصلوا تونس إلى هذا الوضع الذي نعيشه اليوم …كان عليهم أن يتخفوا على الأقل.. لم تعد هناك ورقة توت يمكن أن تخفي سوءاتهم.. يتحدثون عن زمن قبيح ويريدون أن يسوقوا إلى أنه زمن جميل”.
وختم سعيد بالقول “لا انكر لأحد ما قام به ولكننا نرفض أن يتحول اللصوص إلى أبطال داخل التلفزة الوطنية …ليس هذا هو الخط التحريري بل هو خط القوى المضادة للحرية ومعركة التحرير الوطني التي يجب أن ننخرط فيها جميعا”.