أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد إزاء الأحكام القضائية “الجائرة” التي صدرت بحق عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في تونس، بمن فيهم المحامون والإعلاميون والنشطاء السياسيون والمعارضون. وفي بيان له، وصف المرصد هذه الأحكام بأنها تأتي في إطار حملة اعتقالات ممنهجة نفذتها الأجهزة الأمنية التونسية ضد هؤلاء الأفراد على خلفية تصريحاتهم وانتقاداتهم لأداء السلطات الرسمية في الأشهر السابقة، خاصة في فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية التونسية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن هذه الأحكام القضائية “الجائرة” تأتي في وقت تشهد فيه تونس حملة قمعية متزايدة تستهدف حرية الرأي والتعبير. وأضاف أن العديد من الأشخاص تم اعتقالهم بسبب تعبيرهم عن آرائهم وانتقاداتهم للسياسات الحكومية، بما في ذلك الإعلاميون والمحامون والنشطاء السياسيون.
من أبرز الحالات التي أشار إليها المرصد، حكم السجن الصادر في 24 أكتوبر 2024 ضد المحامية والإعلامية سنية الدهماني لمدة عامين، بموجب المرسوم 54. وكانت الدهماني قد أُوقفت في 11 مايو 2024 بعد اقتحام قوات الأمن التونسية لمقر دار المحامي، وهي سابقة خطيرة في تاريخ البلاد. كما تعرضت للضغط والتضييق أثناء فترة اعتقالها، وحُرمت من محاكمة عادلة في العديد من جلساتها.
كما ذكر المرصد بالحكم الصادر في 18 أكتوبر 2024 ضد القيادي في حركة النهضة ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، الذي قُضي بسجنه لمدة 10 أعوام على خلفية تهم تتعلق بالاعتداء على أمن الدولة والتحريض على العنف بين المواطنين. وأوضح المرصد أن المحاكمة شابتها “خروقات جسيمة”، حيث أُدين البحيري بناءً على منشور وهمي على موقع فيسبوك نُسب إليه، رغم أن الاختبارات الفنية أثبتت عدم وجود المنشور.
وفي بيان آخر، أكد المرصد الأورومتوسطي أن هذه الممارسات تشكل “انتهاكًا صارخًا” للضمانات الدستورية لحقوق الإنسان في تونس. وأشار إلى أن ما يحدث يشكل خرقًا للفصول الدستورية التي تكفل حرية الرأي والتعبير (الفصل 37) والحق في التجمع السلمي (الفصل 42) في الدستور التونسي، فضلاً عن المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه تونس في عام 1969.
وحذر المرصد من أن استخدام العقوبات السالبة للحرية ضد أولئك الذين يعبرون عن آرائهم يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان، مؤكدًا أن هذه العقوبات لا تتناسب مع ممارسة الحق في حرية التعبير.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات التونسية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء الذين يقبعون في السجون بسبب ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير. كما طالب السلطات بوقف الاعتقالات التعسفية والملاحقات غير القانونية، واحترام الحق في حرية الرأي والتعبير وفقًا لالتزامات تونس الدولية والمحلية.
وأكد المرصد ضرورة إلغاء التشريعات التي تتعارض مع قواعد حقوق الإنسان، مثل المرسوم 54، الذي ينتهك الحق في الخصوصية ويقيد حرية الرأي والتعبير، ويعاقب عليه بعقوبات جنائية تعسفية.